الإشتراكية
تعني الاشتراكية في مفهوم البعث اقامة نظام اقتصادي واجتماعي مزدهر ينتفي فيه الاستغلال ، وتتحقق العدالة الاجتماعية ، وتتكافأ الفرص ، وتصبح فيه ثروات الامة الطبيعية ملكاً لها ، وتكرس لتطوير حياة ابنائها ، ويتحرر فيه اقتصاد الامة من التبعية للاقتصاد الرأسمالي العالمي ، وتتحقق تنمية شاملة في جميع المجالات ·
وهكذا يتخذ مفهوم الاشتراكية لدى البعث ثلاثة ابعاد رئيسية هي :
أ - تحرير ثروات الامة من هيمنة الدول الامبريالية ، وتحرير الاقتصاد من التبعية للاقتصاد الرأسمالي العالمي ، ومن نفوذ الشركات الرأسمالية متعددة الجنسية ·
ب - تحقيق تنمية شاملة في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وزيادة الثروة القومية ·
جـ - اقامة نظام اقتصادي واجتماعي ينتفي فيه الاستغلال ، وتتحقق العدالة الاجتماعية ، وتتكافأ فيه الفرص بين المواطنين بحيث ينطلق الجميع من خط بداية واحد في شروط حياتهم الاساسية ، وتتضاءل الفوارق الطبقية بين الافراد الى الحدود التي ينتفي فيها الاستغلال · على ان الاشتراكية في مفهوم البعث لا تعني اشباع الجياع وتوفير شروط مادية افضل لحياة الافراد فحسب ، بل تعني قبل كل شيء تحريرهم من الحاجات والضغوط التي تمنع طاقاتهم الانسانية الخلاقة من التفتح والازدهار والانطلاق ·
فما لم يهيء المجتمع الاشتراكي مناخاً صالحاً لنمو شخصية الانسان وازدهارها ، وما لم يضمن هذا المجتمع للانسان السعادة والاطمئنان على حياته ومستقبله ·· تتحول الاشتراكية الى مجرد اداة لإعادة توزيع الثروات المادية على حساب البعد الانساني ، وبذلك تختل حالة التوازن في المجتمع ، ويتحول الانسان الى آلة جامدة ، وروح كآبية خاملة ، كما كان عليه في الاتحاد السوفيتي المنهار ·
يقول القائد المؤسس المرحوم ميشيل عفلق :
- ( لو سئلت عن اسباب ميلي الى الاشتراكية لاجبت : ان ما اطمع به منها ليس زيادة في ثروة المعامل بل في ثروة الحياة ، وليس همي ان يتساوى الناس في توزيع الطعام بقدرما يهمني ان يتاح لكل فرد اطلاق مواهبه وقواه ) ·
فمعنى الاشتراكية العميق في مفهوم البعث هو اتاحة الفرص التي تمكن المواطن العربي من تحرير طاقاته الخلاقة المبدعة وممارسة دوره الانساني الايجابي في حياة امته وحياة الانسانية كلها ، ومن هنا يأتي ذلك الارتبطا العميق بين الاشتراكية والحرية في فكر البعث ومبادئه ·
ولهذا لم يلجأ البعث الى استنساخ مفهومات وتجارب اشتراكية نشأت في مجتمعات اخرى كما فعلت الاحزاب الشيوعية مثلاً ، بل استمد مفهوماته من تراث الامة ومن خصوصياتها القومية وحاجاتها الخاصة ، ومتطلبات انبعاثها ونهضتها ·
واشتراكية البعث لا تأخذ مداها الكامل الا في المجتمع العربي الموحد ، ذلك ان ثروات الامة ثروات متنوعة ومتكاملة ، وفي ظل اقتصاد عربي موحد تتجانس المصالح ، وتتفق الاهداف ، ويتحقق التكامل ما بين الثروات ، والتفاعل بين الامكانات مما يؤدي الى ازدهار اقتصادي عربي شامل ، تنمو فيه الثروة القومية نمواً كبيراً ، وتتاح افضل الفرص للمواطنين العرب جميعاً ·
ان ما نراه اليوم من تفاوت اقتصادي كبير بين الاقطار العربية ، تعيش فيه بعض الاقطار في تخمة يبدد فيها الحكام الاموال على ملذاتهم وملذات اقاربهم واعوانهم بينما تعيش اقطار اخرى في ادنى مستويات الفقر ، هو نتيجة طبيعية لسوء توزيع الثروة العربية وسوء التصرف بها · غير ان بناء اقتصاد عربي موحد ومتكامل يتيح لكل الاقطار العربية ان تتخلص من الفقر ، وتزدهر ويعيش ابناؤها في ظل فرصة عادلة ومتكافئة ·
ومن هنا يأتي الارتباط الجوهري العميق بين الوحدة التي ينادي بها البعث والاشتراكية التي يسعى الى اقامتها في الوطن العربي ·
ليس معنى ذلك ان الاشتراكية يجب ان تظل هدفاً مؤجلاً الى ان تتحقق الوحدة ، بل معناه ان بناء الاشتراكية لا يتكامل ولا يعطي ثماره المرجوة بكاملها الا في مجتمع الوحدة ، فحينما يصل البعث الى الحكم في هذا القطر او ذاك يستطيع ان يتخذ خطوات اشتراكية للنهوض باقتصاده وتطوير حياة ابنائه ، ولكن عليه ان يكيف خطواته بحيث لا تتعارض مع البناء الاشتراكي في المجتمع العربي الموحد ، بل تنسجم معه وتتكـامـل ·
وفي هذا كله يقول الرفيق القائد صدام حسين ( ان طريقنا الخاص في بناء الاشتراكية ينطلق من خصوصيتنا الوطنية ، ومن اهدافنا القومية ، ويرتبط بهما ، وحين نجيء لنرى مظاهر خصوصية الاشتراكية على صعيد الفكر نجد في المقدمة ارتباطها بهدفي الوحدة القومية والحرية ، فنظرية البعث تقوم على الترابط العضوي بين الاهداف المركزية الثلاثة ، بوصفها اهدافاً متداخلة مترابطة ، ومن ثم اتصال هذه الاهداف الكبرى مجتمعة بخصائص الامة وارتباطها بشخصيتها وتراثها ) ·